حين خلق الله سبحانه وتعالى النفس البشرية أودع بها العديد من المتناقضات
والغرائز العجيبة .. خير وشر .. فجور وتقوى .. حب وكره .. ويشترك الانسان
والحيوان في معظم هذه الغرائز .. وليس الغرض منهافي الانسان الا بقاء النوع
والحفاظ على الجنس البشري من الزوال ، ويسمونها غرائز البقاء .. ولكن
يختلف الانسان عن الحيوان في طريقة
التعبير عن هذه الغرائز والرقي والتسامي بها حتى لايصل الى مرتبة الحيوان.
وخاصة انه المخلوق المكرم والمفضل بنعمة العقل والتمييز وهو الذي أكرمه
الله وفضله على سائر مخلوقاته .. حتى على الملائكة أحيانا .. ومن الغرائز
القاتلة والمهلكة التي توغلت في النفس البشرية منذ بدء الخليقة هي غريزة (
الغيرة ) .. نعم الغيرة .. ذلك الشعور الفطري الذي بسببه حدثت أول جريمة
عرفتها البشرية .. جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل .. وجريمة إخوة سيدنا يوسف
التي نعرفها جميعاً ونقرأ في القرآن الكريم .. ولا ننسى أن خروج ابينا آدم
من الجنة كان أيضاً بسب غيرة ابليس منه .. وكلنا نواجه في حياتنا اليومية
من خلال اتصالنا بالآخرين سلوكيات معينة ونسمع أقوالاً معينة ليس لها مبرر
أو سبب واضح الا الغيرة والحسد من عند أنفسهم .. ونقف في حيرة ، ونسأل
أنفسنا ونتساءل .. لماذا قال لي هذا ، أو لماذا فعل معي هذا؟ أنا لم أقم
بالاساءة اليه أدنى اساءة .. أنا حتى لم أره من قبل .. لم أفعل ماأستحق
عليه كل هذا .. ولكن اذا عرف السبب بطل العجب أيها السادة .. وهنا يطرح
سؤال نفسه: وماهو الحل ؟ .. الحل ببساطة هو العلم .. هو المعرفة .. ولا
أقصد بالعلم والمعرفة هو الحصول على الشهادات والدكتوراه والماجستيرات ..
لا لا بكل تأكيد.. فموضوع العلم والمعرفة أكبر من هذا بكثير .. وقد نجد
أنساناً بالكاد يكتب اسمه أو يفك الخط كما يقولون ولكن نجد فيه من العلم
والمعرفة والحكمة والخبرة قد يفوق مئات بل والاف المرات مايكون لدى بعض
الحاصلين على الدكتوروهات والماجستيرات والبكالوريوسات .. يجب أن نطلب
المعرفة الحقيقية والعلم الحقيقي ، يجب أن نسعى الى علم الصدور وليس علم
السطور والقشور .. الحل هو الحبل أيها السادة . وبجواري الآن صديق لي
يسألني أي حبل يابهاء هل جننت ؟ .. قلت له لا لم أجن ياصديقي بعد .. ولكني
أقصد حبل الله (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا، واذاكروا نعمة الله
عليكم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً.... الى آخر الآية
الكريمة .. الحل أيها الأخوة أن نرى كل شيء جميلا ً ،أن نعترف بالفروق
الفردية بيننا، وأن نعي ونستوعب أن الله قد فضل بعضنا على بعض في الرزق ..
في العقل في اللون في الخُلُق وفي الخَلق ، واذا استطعنا استيعاب هذه
الفكرة الربانية فبكل تأكيد سوف نتقبل الآخرين ، كن جميلا ترى الوجود
جميلاً .. كن محباً وسوف يحبك كل الخلق حتى طوب الأرض سوف يحبك .. وفي
الختام لا أملك الا أن أتوجه بالدعاء الى الله سبحانه وتعالى أن يطهر
قلوبنا من الغل والحق والغيرة والحسد .. وأن يودع الحب والخير والجمال داخل
قلوبنا فلا نرى أي شيء الا جميلاً بديعاً كما خلقه الله وأبدعه .. سبحانك
اللهم وبحمدك .. وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين .. وصلى اللهم وسلم
وبارك على سيدنا محمد نبي الجمال والخير .. نبي الحب والحق.