وردة الحياة عضو متألق
عبارتي المميزة :
فيس بوك مشاركة الموضوع: مشاركة
| موضوع: القرآن الكريم ,تفسير القرطبى, تفسير قوله ,اللـه ولي الذين امنو الأحد مارس 18, 2012 1:17 pm | |
| 257} اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " اللَّه وَلِيّ الَّذِينَ آمَنُوا " الْوَلِيّ فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِل . قَالَ الْخَطَّابِيّ : الْوَلِيّ النَّاصِر يَنْصُر عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " اللَّه وَلِيّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجهُمْ مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور " , وَقَالَ " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّه مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ " [ مُحَمَّد : 11 ] قَالَ قَتَادَة : الظُّلُمَات الضَّلَالَة , وَالنُّور الْهُدَى , وَبِمَعْنَاهُ قَالَ الضَّحَّاك وَالرَّبِيع . وَقَالَ مُجَاهِد وَعَبْدَة بْن أَبِي لُبَابَة : قَوْله " اللَّه وَلِيّ الَّذِينَ آمَنُوا " نَزَلَتْ فِي قَوْم آمَنُوا بِعِيسَى فَلَمَّا جَاءَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرُوا بِهِ , فَذَلِكَ إِخْرَاجهمْ مِنْ النُّور إِلَى الظُّلُمَات . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : فَكَانَ هَذَا الْمُعْتَقَد أَحْرَز نُورًا فِي الْمُعْتَقَد خَرَجَ مِنْهُ إِلَى الظُّلُمَات , وَلَفْظ الْآيَة مُسْتَغْنٍ عَنْ هَذَا التَّخْصِيص , بَلْ هُوَ مُتَرَتِّب فِي كُلّ أُمَّة كَافِرَة آمَنَ بَعْضهَا كَالْعَرَبِ , وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ فَاَللَّه وَلِيّه أَخْرَجَهُ مِنْ ظُلْمَة الْكُفْر إِلَى نُور الْإِيمَان , وَمَنْ كَفَرَ بَعْد وُجُود النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّاعِي الْمُرْسَل فَشَيْطَانه مُغْوِيه , كَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ الْإِيمَان إِذْ هُوَ مَعَهُ مُعَدٌّ وَأَهْل لِلدُّخُولِ فِيهِ , وَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالدُّخُولِ فِي النَّار لِكُفْرِهِمْ , عَدْلًا مِنْهُ , لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل . وَقَرَأَ الْحَسَن " أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّوَاغِيت " يَعْنِي الشَّيَاطِين , وَاَللَّه أَعْلَم . {258} أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى : " أَلَمْ تَرَ " هَذِهِ أَلِف التَّوْقِيف , وَفِي الْكَلَام مَعْنَى التَّعَجُّب , أَيْ اِعْجَبُوا لَهُ . وَقَالَ الْفَرَّاء : " أَلَمْ تَرَ " بِمَعْنَى هَلْ رَأَيْت , أَيْ هَلْ رَأَيْت الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيم , وَهَلْ رَأَيْت الَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة , وَهُوَ النُّمْرُوذ بْن كوش بْن كَنْعَان بْن سَام بْن نُوح مَلِك زَمَانه وَصَاحِب النَّار وَالْبَعُوضَة هَذَا قَوْل اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَالرَّبِيع وَالسُّدِّيّ وَابْن إِسْحَاق وَزَيْد بْن أَسْلَم وَغَيْرهمْ . وَكَانَ إِهْلَاكه لَمَّا قَصَدَ الْمُحَارَبَة مَعَ اللَّه تَعَالَى بِأَنْ فَتَحَ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ بَابًا مِنْ الْبَعُوض فَسَتَرُوا عَيْن الشَّمْس وَأَكَلُوا عَسْكَره وَلَمْ يَتْرُكُوا إِلَّا الْعِظَام , وَدَخَلَتْ وَاحِدَة مِنْهَا فِي دِمَاغه فَأَكَلَتْهُ حَتَّى صَارَتْ مِثْل الْفَأْرَة , فَكَانَ أَعَزّ النَّاس عِنْده بَعْد ذَلِكَ مَنْ يَضْرِب دِمَاغه بِمِطْرَقَةٍ عَتِيدَة لِذَلِكَ , فَبَقِيَ فِي الْبَلَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا . قَالَ اِبْن جُرَيْج : هُوَ أَوَّل مَلِك فِي الْأَرْض . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَهَذَا مَرْدُود . وَقَالَ قَتَادَة : هُوَ أَوَّل مَنْ تَجَبَّرَ وَهُوَ صَاحِب الصَّرْح بِبَابِل . وَقِيلَ : إِنَّهُ مَلَكَ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا , وَهُوَ أَحَد الْكَافِرِينَ , وَالْآخَر بُخْت نَصَّر . وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيم نُمْرُوذ بْن فالخ بْن عَابِر بْن شالخ بْن أرفخشد بْن سَام , حَكَى جَمِيعه اِبْن عَطِيَّة . وَحَكَى السُّهَيْلِيّ أَنَّهُ النُّمْرُوذ بْن كوش بْن كَنْعَان بْن حَام بْن نُوح وَكَانَ مَلِكًا عَلَى السَّوَاد وَكَانَ مَلَّكَهُ الضَّحَّاك الَّذِي يُعْرَف بالازدهاق وَاسْمه بيوراسب بْن أندراست وَكَانَ مَلِك الْأَقَالِيم كُلّهَا , وَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُ أفريدون بْن أثفيان , وَفِيهِ يَقُول حَبِيب : وَكَأَنَّهُ الضَّحَّاك مِنْ فَتَكَاتِه فِي الْعَالَمِينَ وَأَنْتَ أَفْرِيدُون وَكَانَ الضَّحَّاك طَاغِيًا جَبَّارًا وَدَامَ مُلْكه أَلْف عَام فِيمَا ذَكَرُوا . وَهُوَ أَوَّل مَنْ صَلَبَ وَأَوَّل مَنْ قَطَعَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُل , وَلِلنُّمّرُوذ اِبْن لِصُلْبِهِ يُسَمَّى [ كوشا ] أَوْ نَحْو هَذَا الِاسْم , وَلَهُ اِبْن يُسَمَّى نُمْرُوذ الْأَصْغَر . وَكَانَ مُلْك نُمْرُوذ الْأَصْغَر عَامًا وَاحِدًا , وَكَانَ مُلْك نُمْرُوذ الْأَكْبَر أَرْبَعمِائَةِ عَام فِيمَا ذَكَرُوا . وَفِي قَصَص هَذِهِ الْمُحَاجَّة رِوَايَتَانِ : إِحْدَاهُمَا أَنَّهُمْ خَرَجُوا إِلَى عِيد لَهُمْ فَدَخَلَ إِبْرَاهِيم عَلَى أَصْنَامهمْ فَكَسَّرَهَا , فَلَمَّا رَجَعُوا قَالَ لَهُمْ : أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ؟ فَقَالُوا : فَمَنْ تَعْبُد ؟ قَالَ : أَعْبُد رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيت . وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّ نُمْرُوذ كَانَ يَحْتَكِر الطَّعَام فَكَانُوا إِذَا اِحْتَاجُوا إِلَى الطَّعَام يَشْتَرُونَهُ مِنْهُ , فَإِذَا دَخَلُوا عَلَيْهِ سَجَدُوا لَهُ , فَدَخَلَ إِبْرَاهِيم فَلَمْ يَسْجُد لَهُ , فَقَالَ : مَا لَك لَا تَسْجُد لِي ! قَالَ : أَنَا لَا أَسْجُد إِلَّا لِرَبِّي . فَقَالَ لَهُ نُمْرُوذ : مَنْ رَبّك ؟ قَالَ إِبْرَاهِيم : رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيت . وَذَكَرَ زَيْد بْن أَسْلَم أَنَّ النُّمْرُوذ هَذَا قَعَدَ يَأْمُر النَّاس بِالْمِيرَةِ , فَكُلَّمَا جَاءَ قَوْم يَقُول : مَنْ رَبّكُمْ وَإِلَهكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ أَنْتَ , فَيَقُول : مِيرُوهُمْ . وَجَاءَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يَمْتَار فَقَالَ لَهُ : مَنْ رَبّك وَإِلَهك ؟ قَالَ إِبْرَاهِيم : رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيت , فَلَمَّا سَمِعَهَا نُمْرُوذ قَالَ : أَنَا أُحْيِي وَأُمِيت , فَعَارَضَهُ إِبْرَاهِيم بِأَمْرِ الشَّمْس فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ , وَقَالَ لَا تَمِيرُوهُ , فَرَجَعَ إِبْرَاهِيم إِلَى أَهْله دُون شَيْء فَمَرَّ عَلَى كَثِيب رَمْل كَالدَّقِيقِ فَقَالَ فِي نَفْسه : لَوْ مَلَأْت غِرَارَتَيَّ مِنْ هَذَا فَإِذَا دَخَلْت بِهِ فَرِحَ الصِّبْيَان حَتَّى أَنْظُر لَهُمْ , فَذَهَبَ بِذَلِكَ فَلَمَّا بَلَغَ مَنْزِله فَرِحَ الصِّبْيَان وَجَعَلُوا يَلْعَبُونَ فَوْق الْغِرَارَتَيْنِ وَنَامَ هُوَ مِنْ الْإِعْيَاء , فَقَالَتْ اِمْرَأَته : لَوْ صَنَعْت لَهُ طَعَامًا يَجِدهُ حَاضِرًا إِذَا اِنْتَبَهَ , فَفَتَحَتْ إِحْدَى الْغِرَارَتَيْنِ فَوَجَدَتْ أَحْسَن مَا يَكُون مِنْ الْحُوَّارَى فَخَبَزَتْهُ , فَلَمَّا قَامَ وَضَعَتْهُ بَيْن يَدَيْهِ فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ هَذَا ؟ فَقَالَتْ : مِنْ الدَّقِيق الَّذِي سُقْت . فَعَلِمَ إِبْرَاهِيم أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَسَّرَ لَهُمْ ذَلِكَ . قُلْت : وَذَكَرَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة عَنْ أَبِي صَالِح قَالَ : اِنْطَلَقَ إِبْرَاهِيم النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام يَمْتَار فَلَمْ يَقْدِر عَلَى الطَّعَام , فَمَرَّ بِسِهْلَةٍ حَمْرَاء فَأَخَذَ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْله فَقَالُوا : مَا هَذَا ؟ فَقَالَ : حِنْطَة حَمْرَاء , فَفَتَحُوهَا فَوَجَدُوهَا حِنْطَة حَمْرَاء , قَالَ : وَكَانَ إِذَا زَرَعَ مِنْهَا شَيْئًا جَاءَ سُنْبُله مِنْ أَصْلهَا إِلَى فَرْعهَا حَبًّا مُتَرَاكِبًا . وَقَالَ الرَّبِيع وَغَيْره فِي هَذَا الْقَصَص : إِنَّ النُّمْرُوذ لَمَّا قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيت أَحْضَرَ رَجُلَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدهمَا وَأَرْسَلَ الْآخَر فَقَالَ : قَدْ أَحْيَيْت هَذَا وَأَمَتّ هَذَا , فَلَمَّا رَدَّ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الشَّمْس بُهِتَ . وَرُوِيَ فِي الْخَبَر : أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى آتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَغْرِب لِيُعْلَم أَنِّي أَنَا الْقَادِر عَلَى ذَلِكَ . ثُمَّ أَمَرَ نُمْرُوذ بِإِبْرَاهِيم فَأُلْقِيَ فِي النَّار , وَهَكَذَا عَادَة الْجَبَابِرَة فَإِنَّهُمْ إِذَا عُورِضُوا بِشَيْءٍ وَعَجَزُوا عَنْ الْحُجَّة اِشْتَغَلُوا بِالْعُقُوبَةِ , فَأَنْجَاهُ اللَّه مِنْ النَّار , عَلَى مَا يَأْتِي . وَقَالَ السُّدِّيّ : إِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيم مِنْ النَّار أَدْخَلُوهُ عَلَى الْمَلِك - وَلَمْ يَكُنْ قَبْل ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْهِ - فَكَلَّمَهُ وَقَالَ لَهُ : مَنْ رَبّك ؟ فَقَالَ : رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيت . قَالَ النُّمْرُوذ : أَنَا أُحْيِي وَأُمِيت , وَأَنَا آخُذ أَرْبَعَة نَفَر فَأَدْخَلَهُمْ بَيْتًا وَلَا يُطْعَمُونَ شَيْئًا وَلَا يُسْقَوْنَ حَتَّى إِذَا جَاعُوا أَخْرَجْتهمْ فَأَطْعَمْت اِثْنَيْنِ فَحَيِيَا وَتَرَكْت اِثْنَيْنِ فَمَاتَا . فَعَارَضَهُ إِبْرَاهِيم بِالشَّمْسِ فَبُهِتَ . وَذَكَرَ الْأُصُولِيُّونَ فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا وَصَفَ رَبّه تَعَالَى بِمَا هُوَ صِفَة لَهُ مِنْ الْإِحْيَاء وَالْإِمَاتَة لَكِنَّهُ أَمْر لَهُ حَقِيقَة وَمَجَاز , قَصَدَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْحَقِيقَة , وَفَزِعَ نُمْرُوذ إِلَى الْمَجَاز وَمَوَّهَ عَلَى قَوْمه , فَسَلَّمَ لَهُ إِبْرَاهِيم تَسْلِيم الْجَدَل وَانْتَقَلَ مَعَهُ مِنْ الْمِثَال وَجَاءَهُ بِأَمْرٍ لَا مَجَاز فِيهِ " فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ " أَيْ اِنْقَطَعَتْ حُجَّته وَلَمْ يُمْكِنهُ أَنْ يَقُول أَنَا الْآتِي بِهَا مِنْ الْمَشْرِق ; لِأَنَّ ذَوِي الْأَلْبَاب يُكَذِّبُونَهُ . الثَّانِيَة : هَذِهِ الْآيَة تَدُلّ عَلَى جَوَاز تَسْمِيَة الْكَافِر مَلِكًا إِذَا آتَاهُ الْمُلْك وَالْعِزّ وَالرِّفْعَة فِي الدُّنْيَا , وَتَدُلّ عَلَى إِثْبَات الْمُنَاظَرَة وَالْمُجَادَلَة وَإِقَامَة الْحُجَّة . وَفِي الْقُرْآن وَالسُّنَّة مِنْ هَذَا كَثِير لِمَنْ تَأَمَّلَهُ , قَالَ اللَّه تَعَالَى : " قُلْ هَاتُوا بُرْهَانكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " [ الْبَقَرَة : 111 ] . " إِنْ عِنْدكُمْ مِنْ سُلْطَان " [ يُونُس : 68 ] أَيْ مِنْ حُجَّة . وَقَدْ وَصَفَ خُصُومَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَوْمه وَرَدّه عَلَيْهِمْ فِي عِبَادَة الْأَوْثَان كَمَا فِي سُورَة [ الْأَنْبِيَاء ] وَغَيْرهَا . وَقَالَ فِي قِصَّة نُوح عَلَيْهِ السَّلَام : " قَالُوا يَا نُوح قَدْ جَادَلْتنَا فَأَكْثَرْت جِدَالنَا " [ هُود : 32 ] الْآيَات إِلَى قَوْله : " وَأَنَا بَرِيء مِمَّا تُجْرِمُونَ " [ هُود : 35 ] . وَكَذَلِكَ مُجَادَلَة مُوسَى مَعَ فِرْعَوْن إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآي . فَهُوَ كُلّه تَعْلِيم مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ السُّؤَال وَالْجَوَاب وَالْمُجَادَلَة فِي الدِّين ; لِأَنَّهُ لَا يَظْهَر الْفَرْق بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل إِلَّا بِظُهُورِ حُجَّة الْحَقّ وَدَحْض حُجَّة الْبَاطِل . وَجَادَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْل الْكِتَاب وَبَاهَلَهُمْ بَعْد الْحُجَّة , عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه فِي [ آل عِمْرَان ] . وَتَحَاجَّ آدَم وَمُوسَى فَغَلَبَهُ آدَم بِالْحُجَّةِ . وَتَجَادَلَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم السَّقِيفَة وَتَدَافَعُوا وَتَقَرَّرُوا وَتَنَاظَرُوا حَتَّى صَدَرَ الْحَقّ فِي أَهْله , وَتَنَاظَرُوا بَعْد مُبَايَعَة أَبِي بَكْر فِي أَهْل الرِّدَّة , إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُر إِيرَاده . وَفِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْم " [ آل عِمْرَان : 66 ] دَلِيل عَلَى أَنَّ الِاحْتِجَاج بِالْعِلْمِ مُبَاح شَائِع لِمَنْ تَدَبَّرَ . قَالَ الْمُزَنِيّ صَاحِب الشَّافِعِيّ : وَمِنْ حَقّ الْمُنَاظَرَة أَنْ يُرَاد بِهَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ يُقْبَل مِنْهَا مَا تَبَيَّنَ . وَقَالُوا : لَا تَصِحّ الْمُنَاظَرَة وَيَظْهَر الْحَقّ بَيْن الْمُتَنَاظِرِينَ حَتَّى يَكُونُوا مُتَقَارِبِينَ أَوْ مُسْتَوِيِينَ فِي مَرْتَبَة وَاحِدَة مِنْ الدِّين وَالْعَقْل وَالْفَهْم وَالْإِنْصَاف , وَإِلَّا فَهُوَ مِرَاء وَمُكَابَرَة . قِرَاءَات - قَرَأَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب " أَلَمْ تَرْ " بِجَزْمِ الرَّاء , وَالْجُمْهُور بِتَحْرِيكِهَا , وَحُذِفَتْ الْيَاء لِلْجَزْمِ . " أَنْ آتَاهُ اللَّه الْمُلْك " فِي مَوْضِع نَصْب , أَيْ لِأَنْ آتَاهُ اللَّه , أَوْ مِنْ أَجْل أَنْ آتَاهُ اللَّه . وَقَرَأَ جُمْهُور الْقُرَّاء " أَنَ أُحْيِي " بِطَرْحِ الْأَلِف الَّتِي بَعْد النُّون مِنْ " أَنَا " فِي الْوَصْل , وَأَثْبَتَهَا نَافِع وَابْن أَبِي أُوَيْس , إِذَا لَقِيَتْهَا هَمْزَة فِي كُلّ الْقُرْآن إِلَّا فِي قَوْله تَعَالَى : " إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِير " [ الْأَعْرَاف : 188 ] فَإِنَّهُ يَطْرَحهَا فِي هَذَا الْمَوْضِع مِثْل سَائِر الْقُرَّاء لِقِلَّةِ ذَلِكَ , فَإِنَّهُ لَمْ يَقَع مِنْهُ فِي الْقُرْآن إِلَّا ثَلَاثَة مَوَاضِع أَجْرَاهَا مَجْرَى مَا لَيْسَ بَعْده هَمْزَة لِقِلَّتِهِ فَحُذِفَ الْأَلِف فِي الْوَصْل . قَالَ النَّحْوِيُّونَ : ضَمِير الْمُتَكَلِّم الِاسْم فِيهِ الْهَمْزَة وَالنُّون , فَإِذَا قُلْت : أَنَا أَوْ أَنَّهُ فَالْأَلِف وَالْهَاء لِبَيَانِ الْحَرَكَة فِي الْوَقْف , فَإِذَا اِتَّصَلَتْ الْكَلِمَة بِشَيْءٍ سَقَطَتَا ; لِأَنَّ الشَّيْء الَّذِي تَتَّصِل بِهِ الْكَلِمَة يَقُوم مَقَام الْأَلِف , فَلَا يُقَال : أَنَا فَعَلْت بِإِثْبَاتِ الْأَلِف إِلَّا شَاذًّا فِي الشِّعْر كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَنَا سَيْف الْعَشِيرَة فَاعْرِفُونِي حُمَيْدًا قَدْ تَذَرَّيْت السَّنَامَا قَالَ النَّحَّاس : عَلَى أَنَّ نَافِعًا قَدْ أَثْبَتَ الْأَلِف فَقَرَأَ " أَنَا أُحْيِي وَأُمِيت " وَلَا وَجْه لَهُ . قَالَ مَكِّيّ : وَالْأَلِف زَائِدَة عِنْد الْبَصْرِيِّينَ , وَالِاسْم الْمُضْمَر عِنْدهمْ الْهَمْزَة وَالنُّون وَزِيدَتْ الْأَلِف لِلتَّقْوِيَةِ . وَقِيلَ : زِيدَتْ لِلْوَقْفِ لِتَظْهَر حَرَكَة النُّون . وَالِاسْم عِنْد الْكُوفِيِّينَ " أَنَا " بِكَمَالِهِ , فَنَافِع فِي إِثْبَات الْأَلِف عَلَى قَوْلهمْ عَلَى الْأَصْل , وَإِنَّمَا حَذَفَ الْأَلِف مَنْ حَذَفَهَا تَخْفِيفًا ; وَلِأَنَّ الْفَتْحَة تَدُلّ عَلَيْهَا . قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَأَمَّا قَوْلهمْ " أَنَا " فَهُوَ اِسْم مَكْنِيّ وَهُوَ لِلْمُتَكَلِّمِ وَحْده , وَإِنَّمَا بُنِيَ عَلَى الْفَتْح فَرْقًا بَيْنه وَبَيْن " أَنْ " الَّتِي هِيَ حَرْف نَاصِب لِلْفِعْلِ , وَالْأَلِف الْأَخِيرَة إِنَّمَا هِيَ لِبَيَانِ الْحَرَكَة فِي الْوَقْف , فَإِنْ تَوَسَّطَتْ الْكَلَام سَقَطَتْ إِلَّا فِي لُغَة رَدِيئَة , كَمَا قَالَ : أَنَا سَيْف الْعَشِيرَة فَاعْرِفُونِي حُمَيْدًا قَدْ تَذَرَّيْت السَّنَامَا وَبَهُتَ الرَّجُل وَبَهِتَ وَبُهِتَ إِذَا اِنْقَطَعَ وَسَكَتَ مُتَحَيِّرًا , عَنْ النَّحَّاس وَغَيْره . وَقَالَ الطَّبَرِيّ : وَحُكِيَ عَنْ بَعْض الْعَرَب فِي هَذَا الْمَعْنَى " بَهَتَ " بِفَتْحِ الْبَاء وَالْهَاء . قَالَ اِبْن جِنِّيّ قَرَأَ أَبُو حَيْوَة : " فَبَهُتَ الَّذِي كَفَرَ " بِفَتْحِ الْبَاء وَضَمّ الْهَاء , وَهِيَ لُغَة فِي " بُهِتَ " بِكَسْرِ الْهَاء . قَالَ : وَقَرَأَ اِبْن السَّمَيْقَع " فَبَهَتَ " بِفَتْحِ الْبَاء وَالْهَاء عَلَى مَعْنَى فَبَهَتَ إِبْرَاهِيم الَّذِي كَفَرَ , فَاَلَّذِي فِي مَوْضِع نَصْب . قَالَ : وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون بَهَتَ بِفَتْحِهَا لُغَة فِي بَهُتَ . قَالَ : وَحَكَى أَبُو الْحَسَن الْأَخْفَش قِرَاءَة " فَبَهِتَ " بِكَسْرِ الْهَاء كَغَرِقَ وَدَهِشَ . قَالَ : وَالْأَكْثَرُونَ بِالضَّمِّ فِي الْهَاء . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْم فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " فَبَهَتَ " بِفَتْحِهَا أَنَّهُ بِمَعْنَى سَبَّ وَقَذَفَ , وَأَنَّ نُمْرُوذ هُوَ الَّذِي سَبَّ حِين اِنْقَطَعَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ حِيلَة .
مما نقلت
انشر الموضوع لأصدقائك في الفيس بوك
رد مع اقتباس
غير مقروء March 13, 2012, 02:57 AM رقم المشاركة : 2 معلومات العضو جابريه قلب بحر
مشرفة المنتديات الأسلامية حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون
جابريه قلب بحر غير متواجد حالياً
{259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " أَوْ " لِلْعَطْفِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى وَالتَّقْدِير عِنْد الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء : هَلْ رَأَيْت كَاَلَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيم فِي رَبّه , أَوْ كَاَلَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة . وَقَالَ الْمُبَرِّد : الْمَعْنَى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيم فِي رَبّه , أَلَمْ تَرَ مَنْ هُوَ ! كَاَلَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة . فَأُضْمِرَ فِي الْكَلَام مَنْ هُوَ . وَقَرَأَ أَبُو سُفْيَان بْن حُسَيْن " أَوَكَاَلَّذِي مَرَّ " بِفَتْحِ الْوَاو , وَهِيَ وَاو الْعَطْف دَخَلَ عَلَيْهَا أَلِف الِاسْتِفْهَام الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْرِير . وَسُمِّيَتْ الْقَرْيَة قَرْيَة لِاجْتِمَاعِ النَّاس فِيهَا , مِنْ قَوْلهمْ : قَرَيْت الْمَاء أَيْ جَمَعْته , وَقَدْ تَقَدَّمَ . قَالَ سُلَيْمَان بْن بُرَيْدَة وَنَاجِيَة بْن كَعْب وَقَتَادَة وَابْن عَبَّاس وَالرَّبِيع وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك : الَّذِي مَرَّ عَلَى الْقَرْيَة هُوَ عُزَيْر . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه وَعَبْد اللَّه بْن عُبَيْد بْن عُمَيْر وَعَبْد اللَّه بْن بَكْر بْن مُضَر : هُوَ إرمياء وَكَانَ نَبِيًّا . وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق : إرمياء هُوَ الْخَضِر , وَحَكَاهُ النَّقَّاش عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَهَذَا كَمَا تَرَاهُ , إِلَّا أَنْ يَكُون اِسْمًا وَافَقَ اِسْمًا ; لِأَنَّ الْخَضِر مُعَاصِر لِمُوسَى , وَهَذَا الَّذِي مَرَّ عَلَى الْقَرْيَة هُوَ بَعْده بِزَمَانٍ مِنْ سِبْط هَارُون فِيمَا رَوَاهُ وَهْب بْن مُنَبِّه . قُلْت : إِنْ كَانَ الْخَضِر هُوَ إرمياء فَلَا يَبْعُد أَنْ يَكُون هُوَ ; لِأَنَّ الْخَضِر لَمْ يَزَلْ حَيًّا مِنْ وَقْت مُوسَى حَتَّى الْآن عَلَى الصَّحِيح فِي ذَلِكَ , عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه فِي سُورَة " الْكَهْف " . وَإِنْ كَانَ مَاتَ قَبْل هَذِهِ الْقِصَّة فَقَوْل اِبْن عَطِيَّة صَحِيح , وَاَللَّه أَعْلَم . وَحَكَى النَّحَّاس وَمَكِّيّ عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ رَجُل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل غَيْر مُسَمًّى . قَالَ النَّقَّاش : وَيُقَال هُوَ غُلَام لُوط عَلَيْهِ السَّلَام . وَحَكَى السُّهَيْلِيّ عَنْ الْقُتَبِيّ هُوَ شَعْيَا فِي أَحَد قَوْلَيْهِ . وَاَلَّذِي أَحْيَاهَا بَعْد خَرَابهَا كوشك الْفَارِسِيّ . وَالْقَرْيَة الْمَذْكُورَة هِيَ بَيْت الْمَقْدِس فِي قَوْل وَهْب بْن مُنَبِّه وَقَتَادَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَغَيْرهمْ . قَالَ : وَكَانَ مُقْبِلًا مِنْ مِصْر وَطَعَامه وَشَرَابه الْمَذْكُور تِين أَخْضَر وَعِنَب وَرَكْوَة مِنْ خَمْر . وَقِيلَ مِنْ عَصِير . وَقِيلَ : قُلَّةُ مَاء هِيَ شَرَابه . وَاَلَّذِي أَخْلَى بَيْت الْمَقْدِس حِينَئِذٍ بُخْت نَصَّر وَكَانَ وَالِيًا عَلَى الْعِرَاق لِلْهَرَاسِب ثُمَّ ليستاسب بن لهراسب وَالِد اسبندياد . وَحَكَى النَّقَّاش أَنَّ قَوْمًا قَالُوا : هِيَ الْمُؤْتَفِكَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أَبِي صَالِح : إِنَّ بُخْت نَصَّر غَزَا بَنِي إِسْرَائِيل فَسَبَى مِنْهُمْ أُنَاسًا كَثِيرَة فَجَاءَ بِهِمْ وَفِيهِمْ عُزَيْر بْن شرخيا وَكَانَ مِنْ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل فَجَاءَ بِهِمْ إِلَى بَابِل , فَخَرَجَ ذَات يَوْم فِي حَاجَة لَهُ إِلَى دَيْر هزقل عَلَى شَاطِئ الدِّجْلَة . فَنَزَلَ تَحْت ظِلّ شَجَرَة وَهُوَ عَلَى حِمَار لَهُ , فَرَبَطَ الْحِمَار تَحْت ظِلّ الشَّجَرَة ثُمَّ طَافَ بِالْقَرْيَةِ فَلَمْ يَرَ بِهَا سَاكِنًا وَهِيَ خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا فَقَالَ : أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّه بَعْد مَوْتهَا . وَقِيلَ : إِنَّهَا الْقَرْيَة الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا الْأُلُوف حَذَر الْمَوْت , قَالَهُ اِبْن زَيْد . وَعَنْ اِبْن زَيْد أَيْضًا أَنَّ الْقَوْم الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارهمْ وَهُمْ أُلُوف حَذَر الْمَوْت فَقَالَ لَهُمْ اللَّه مُوتُوا , مَرَّ رَجُل عَلَيْهِمْ وَهُمْ عِظَام نَخِرَة تَلُوح فَوَقَفَ يَنْظُر فَقَالَ : أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّه بَعْد مَوْتهَا فَأَمَاتَهُ اللَّه مِائَة عَام . قَالَ : اِبْن عَطِيَّة : وَهَذَا الْقَوْل مِنْ اِبْن زَيْد مُنَاقِض لِأَلْفَاظِ الْآيَة , إِذْ الْآيَة إِنَّمَا تَضَمَّنَتْ قَرْيَة خَاوِيَة لَا أَنِيس فِيهَا , وَالْإِشَارَة ب " هَذِهِ " إِنَّمَا هِيَ إِلَى الْقَرْيَة . وَإِحْيَاؤُهَا إِنَّمَا هُوَ بِالْعِمَارَةِ وَوُجُود الْبِنَاء وَالسُّكَّان . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالرَّبِيع وَعِكْرِمَة : الْقَرْيَة بَيْت الْمَقْدِس لَمَّا خَرَّبَهَا بُخْت نَصَّر الْبَابِلِيّ . وَفِي الْحَدِيث الطَّوِيل حِين أَحْدَثَتْ بَنُو إِسْرَائِيل الْأَحْدَاث وَقَفَ إرمياء أَوْ عُزَيْر عَلَى الْقَرْيَة وَهِيَ كَالتَّلِّ الْعَظِيم وَسَط بَيْت الْمَقْدِس ; لِأَنَّ بُخْت نَصَّر أَمَرَ جُنْده بِنَقْلِ التُّرَاب إِلَيْهِ حَتَّى جَعَلَهُ كَالْجَبَلِ , وَرَأَى إرمياء الْبُيُوت قَدْ سَقَطَتْ حِيطَانهَا عَلَى سُقُفهَا فَقَالَ : أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّه بَعْد مَوْتهَا . وَالْعَرِيش : سَقْف الْبَيْت . وَكُلّ مَا يُتَهَيَّأ لِيُظِلّ أَوْ يُكِنّ فَهُوَ عَرِيش , وَمِنْهُ عَرِيش الدَّالِيَة , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " وَمِمَّا يَعْرِشُونَ " [ النَّحْل : 68 ] . قَالَ السُّدِّيّ : يَقُول هِيَ سَاقِطَة عَلَى سُقُفهَا , أَيْ سَقَطَتْ السُّقُف ثُمَّ سَقَطَتْ الْحِيطَان عَلَيْهَا , وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيّ . وَقَالَ غَيْر السُّدِّيّ : مَعْنَاهُ خَاوِيَة مِنْ النَّاس وَالْبُيُوت قَائِمَة , وَخَاوِيَة مَعْنَاهَا خَالِيَة , وَأَصْل الْخَوَاء الْخُلُوّ , يُقَال : خَوَتْ الدَّار وَخَوِيَتْ تَخْوَى خَوَاء ( مَمْدُود ) وَخُوِيًّا : أَقْوَتْ , وَكَذَلِكَ إِذَا سَقَطَتْ , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " فَتِلْكَ بُيُوتهمْ خَاوِيَة بِمَا ظَلَمُوا " [ النَّمْل : 52 ] أَيْ خَالِيَة , وَيُقَال سَاقِطَة , كَمَا يُقَال : " فَهِيَ خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا " أَيْ سَاقِطَة عَلَى سُقُفهَا . وَالْخَوَاء الْجُوع لِخُلُوِّ الْبَطْن مِنْ الْغِذَاء . وَخَوَتْ الْمَرْأَة وَخَوِيَتْ أَيْضًا خَوًى أَيْ خَلَا جَوْفهَا عِنْد الْوِلَادَة . وَخَوَّيْت لَهَا تَخْوِيَة إِذَا عَمِلْت لَهَا خَوِيَّة تَأْكُلهَا وَهِيَ طَعَام . وَالْخَوِيّ الْبَطْن السَّهْل مِنْ الْأَرْض عَلَى فَعِيل . وَخَوَّى الْبَعِير إِذَا جَافَى بَطْنه عَنْ الْأَرْض فِي بُرُوكه , وَكَذَلِكَ الرَّجُل فِي سُجُوده . {259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مَعْنَاهُ مِنْ أَيّ طَرِيق وَبِأَيِّ سَبَب , وَظَاهِر اللَّفْظ السُّؤَال عَنْ إِحْيَاء الْقَرْيَة بِعِمَارَةٍ وَسُكَّان , كَمَا يُقَال الْآن فِي الْمُدُن الْخَرِبَة الَّتِي يَبْعُد أَنْ تُعَمَّر وَتُسْكَن : أَنَّى تُعَمَّر هَذِهِ بَعْد خَرَابهَا . فَكَأَنَّ هَذَا تَلَهُّف مِنْ الْوَاقِف الْمُعْتَبِر عَلَى مَدِينَته الَّتِي عَهِدَ فِيهَا أَهْله وَأَحِبَّته . وَضُرِبَ لَهُ الْمَثَل فِي نَفْسه بِمَا هُوَ أَعْظَم مِمَّا سَأَلَ عَنْهُ , وَالْمِثَال الَّذِي ضُرِبَ لَهُ فِي نَفْسه يُحْتَمَل أَنْ يَكُون عَلَى أَنَّ سُؤَاله إِنَّمَا كَانَ عَلَى إِحْيَاء الْمَوْتَى مِنْ بَنِي آدَم , أَيْ أَنَّى يُحْيِي اللَّه مَوْتَاهَا . وَقَدْ حَكَى الطَّبَرِيّ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ هَذَا الْقَوْل شَكًّا فِي قُدْرَة اللَّه تَعَالَى عَلَى الْإِحْيَاء , فَلِذَلِكَ ضُرِبَ لَهُ الْمَثَل فِي نَفْسه . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَلَيْسَ يَدْخُل شَكّ فِي قُدْرَة اللَّه تَعَالَى عَلَى إِحْيَاء قَرْيَة بِجَلْبِ الْعِمَارَة إِلَيْهَا وَإِنَّمَا يُتَصَوَّر الشَّكّ مِنْ جَاهِل فِي الْوَجْه الْآخَر , وَالصَّوَاب أَلَّا يَتَأَوَّل فِي الْآيَة شَكّ . {259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " مِائَة " نُصِبَ عَلَى الظَّرْف . وَالْعَام : السَّنَة , يُقَال : سِنُونَ عُوَّم وَهُوَ تَأْكِيد لِلْأَوَّلِ , كَمَا يُقَال : بَيْنهمْ شُغْل شَاغِل . وَقَالَ الْعَجَّاج : مِنْ مُرّ أَعْوَام السِّنِينَ الْعُوَّم وَهُوَ فِي التَّقْدِير جَمْع عَائِم , إِلَّا أَنَّهُ لَا يُفْرَد بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْمٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَوْكِيد , قَالَهُ الْجَوْهَرِيّ . وَقَالَ النَّقَّاش : الْعَام مَصْدَر كَالْعَوْمِ , سُمِّيَ بِهِ هَذَا الْقَدْر مِنْ الزَّمَان لِأَنَّهَا عَوْمَة مِنْ الشَّمْس فِي الْفَلَك . وَالْعَوْم كَالسَّبْحِ , وَقَالَ اللَّه تَعَالَى : " كُلّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ " [ الْأَنْبِيَاء : 33 ] . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : هَذَا بِمَعْنَى قَوْل النَّقَّاش , وَالْعَام عَلَى هَذَا كَالْقَوْلِ وَالْقَال , وَظَاهِر هَذِهِ الْإِمَاتَة أَنَّهَا بِإِخْرَاجِ الرُّوح مِنْ الْجَسَد . وَرُوِيَ فِي قَصَص هَذِهِ الْآيَة أَنَّ اللَّه تَعَالَى بَعَثَ لَهَا مَلِكًا مِنْ الْمُلُوك يُعَمِّرهَا وَيَجِدّ فِي ذَلِكَ حَتَّى كَانَ كَمَال عِمَارَتهَا عِنْد بَعْث الْقَائِل . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ لَمَّا مَضَى لِمَوْتِهِ سَبْعُونَ سَنَة أَرْسَلَ اللَّه مَلِكًا مِنْ مُلُوك فَارِس عَظِيمًا يُقَال لَهُ " كوشك " فَعَمَّرَهَا فِي ثَلَاثِينَ سَنَة . {259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مَعْنَاهُ أَحْيَاهُ , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام فِيهِ . {259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اُخْتُلِفَ فِي الْقَائِل لَهُ " كَمْ لَبِثْت " , فَقِيلَ . اللَّه جَلَّ وَعَزَّ , وَلَمْ يَقُلْ لَهُ إِنْ كُنْت صَادِقًا كَمَا قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ . وَقِيلَ : سَمِعَ هَاتِفًا مِنْ السَّمَاء يَقُول لَهُ ذَلِكَ . وَقِيلَ : خَاطَبَهُ جِبْرِيل . وَقِيلَ : نَبِيّ . وَقِيلَ : رَجُل مُؤْمِن مِمَّنْ شَاهَدَهُ مِنْ قَوْمه عِنْد مَوْته وَعُمِّرَ إِلَى حِين إِحْيَائِهِ فَقَالَ لَهُ : كَمْ لَبِثْت . قُلْت : وَالْأَظْهَر أَنَّ الْقَائِل هُوَ اللَّه تَعَالَى , لِقَوْلِهِ : " وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَام كَيْف نُنْشِزهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا " وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَرَأَ أَهْل الْكُوفَة " كَمْ لَبِتَّ " بِإِدْغَامِ الثَّاء فِي التَّاء لِقُرْبِهَا مِنْهَا فِي الْمَخْرَج . فَإِنَّ مَخْرَجهمَا مِنْ طَرَف اللِّسَان وَأُصُول الثَّنَايَا وَفِي أَنَّهُمَا مَهْمُوسَتَانِ . قَالَ النَّحَّاس : وَالْإِظْهَار أَحْسَن لِتَبَايُنِ مَخْرَج الثَّاء مِنْ مَخْرَج التَّاء . وَيُقَال : كَانَ هَذَا السُّؤَال بِوَاسِطَةِ الْمَلِك عَلَى جِهَة التَّقْرِير . و " كَمْ " فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى الظَّرْف . {259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " قَالَ لَبِثْت يَوْمًا أَوْ بَعْض يَوْم " إِنَّمَا قَالَ هَذَا عَلَى مَا عِنْده وَفِي ظَنّه , وَعَلَى هَذَا لَا يَكُون كَاذِبًا فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ , وَمِثْله قَوْل أَصْحَاب الْكَهْف " قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْض يَوْم " [ الْكَهْف : 19 ] وَإِنَّمَا لَبِثُوا ثَلَاثمِائَةِ سَنَة وَتِسْع سِنِينَ - عَلَى مَا يَأْتِي - وَلَمْ يَكُونُوا كَاذِبِينَ لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَمَّا عِنْدهمْ , كَأَنَّهُمْ قَالُوا : الَّذِي عِنْدنَا وَفِي ظُنُوننَا أَنَّنَا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْض يَوْم . وَنَظِيره قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّة ذِي الْيَدَيْنِ : ( لَمْ أُقَصِّر وَلَمْ أَنْسَ ) . وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول : إِنَّهُ كَذِب عَلَى مَعْنَى وُجُود حَقِيقَة الْكَذِب فِيهِ وَلَكِنَّهُ لَا مُؤَاخَذَة بِهِ , وَإِلَّا فَالْكَذِب الْإِخْبَار عَنْ الشَّيْء عَلَى خِلَاف مَا هُوَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِف بِالْعِلْمِ وَالْجَهْل , وَهَذَا بَيِّن فِي نَظَر الْأُصُول . فَعَلَى هَذَا يَجُوز أَنْ يُقَال : إِنَّ الْأَنْبِيَاء لَا يُعْصَمُونَ عَنْ الْإِخْبَار عَنْ الشَّيْء عَلَى خِلَاف مَا هُوَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْد , كَمَا لَا يُعْصَمُون عَنْ السَّهْو وَالنِّسْيَان . فَهَذَا مَا يَتَعَلَّق بِهَذِهِ الْآيَة , وَالْقَوْل الْأَوَّل أَصَحّ . قَالَ اِبْن جُرَيْج وَقَتَادَة وَالرَّبِيع : أَمَاتَهُ اللَّه غَدْوَة يَوْم ثُمَّ بُعِثَ قَبْل الْغُرُوب فَظَنَّ هَذَا الْيَوْم وَاحِدًا فَقَالَ : لَبِثَتْ يَوْمًا , ثُمَّ رَأَى بَقِيَّة مِنْ الشَّمْس فَخَشِيَ أَنْ يَكُون كَاذِبًا فَقَالَ : أَوْ بَعْض يَوْم . فَقِيلَ : بَلْ لَبِثْت مِائَة عَام , وَرَأَى مِنْ عِمَارَة الْقَرْيَة وَأَشْجَارهَا وَمَبَانِيهَا مَا دَلَّهُ عَلَى ذَلِكَ . {259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَهُوَ التِّين الَّذِي جَمَعَهُ مِنْ أَشْجَار الْقَرْيَة الَّتِي مَرَّ عَلَيْهَا .
يتبع
رد مع اقتباس
غير مقروء March 13, 2012, 02:58 AM رقم المشاركة : 3 معلومات العضو جابريه قلب بحر
مشرفة المنتديات الأسلامية حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون
جابريه قلب بحر غير متواجد حالياً
{259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَرَأَ اِبْن مَسْعُود " وَهَذَا طَعَامك وَشَرَابك لَمْ يَتَسَنَّه " . وَقَرَأَ طَلْحَة بْن مُصَرِّف غَيْره " وَانْظُرْ لِطَعَامِك وَشَرَابك لِمِائَةِ سَنَة " . وَقَرَأَ الْجُمْهُور بِإِثْبَاتِ الْهَاء فِي الْوَصْل إِلَّا الْأَخَوَانِ فَإِنَّهُمَا يَحْذِفَانِهَا , وَلَا خِلَاف أَنَّ الْوَقْف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ . وَقَرَأَ طَلْحَة بْن مُصَرِّف أَيْضًا " لَمْ يَسَّنَّ " " وَانْظُرْ " أُدْغِمَ التَّاء فِي السِّين , فَعَلَى قِرَاءَة الْجُمْهُور الْهَاء أَصْلِيَّة , وَحُذِفَتْ الضَّمَّة لِلْجَزْمِ , وَيَكُون " يَتَسَنَّه " مِنْ السَّنَة أَيْ لَمْ تُغَيِّرهُ السِّنُون . قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَيُقَال سِنُونَ , وَالسَّنَة وَاحِدَة السِّنِينَ , وَفِي نُقْصَانهَا قَوْلَانِ : أَحَدهمَا الْوَاو , وَالْآخَر الْهَاء . وَأَصْلهَا سَنْهَة مِثْل الْجَبْهَة ; لِأَنَّهُ مِنْ سَنِهَتْ النَّخْلَة وَتَسَنَّهَتْ إِذَا أَتَتْ عَلَيْهَا السِّنُون . وَنَخْلَة سَنَّاء أَيْ تَحْمِل سَنَة وَلَا تَحْمِل أُخْرَى , وَسَنْهَاء أَيْضًا , قَالَ بَعْض الْأَنْصَار : فَلَيْسَتْ بِسَنْهَاء وَلَا رُجَبِيَّة وَلَكِنْ عَرَايَا فِي السِّنِينَ الْجَوَائِح وَأَسْنَهْتُ عِنْد بَنِي فُلَان أَقَمْت عِنْدهمْ , وَتَسَنَّيْتُ أَيْضًا . وَاسْتَأْجَرْته مُسَانَاة وَمُسَانَهَة أَيْضًا . وَفِي التَّصْغِير سُنَيَّة وَسُنَيْهَة . قَالَ النَّحَّاس : مَنْ قَرَأَ " لَمْ يَتَسَنَّ " و " اُنْظُرْ " قَالَ فِي التَّصْغِير : سُنَيَّة وَحُذِفَتْ الْأَلِف لِلْجَزْمِ , وَيَقِف عَلَى الْهَاء فَيَقُول : " لَمْ يَتَسَنَّه " تَكُون الْهَاء لِبَيَانِ الْحَرَكَة . قَالَ الْمَهْدَوِيّ : وَيَجُوز أَنْ يَكُون أَصْله مِنْ سَانَيْتُهُ مُسَانَاة , أَيْ عَامَلْته سَنَة بَعْد سَنَة , أَوْ مِنْ سَانَهْت بِالْهَاءِ , فَإِنْ كَانَ مِنْ سَانَيْت فَأَصْله يَتَسَنَّى فَسَقَطَتْ الْأَلِف لِلْجَزْمِ , وَأَصْله مِنْ الْوَاو بِدَلِيلِ قَوْلهمْ سَنَوَات وَالْهَاء فِيهِ لِلسَّكْتِ , وَإِنْ كَانَ مِنْ سَانَهْت فَالْهَاء لَام الْفِعْل , وَأَصْل سَنَة عَلَى هَذَا سَنْهَة . وَعَلَى الْقَوْل الْأَوَّل سَنَوَة . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ أَسِنَ الْمَاء إِذَا تَغَيَّرَ , وَكَانَ يَجِب أَنْ يَكُون عَلَى هَذَا يَتَأَسَّن . أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ : هُوَ مِنْ قَوْله " حَمَإ مَسْنُون " [ الْحِجْر : 26 ] فَالْمَعْنَى لَمْ يَتَغَيَّر . الزَّجَّاج , لَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ قَوْله " مَسْنُون " لَيْسَ مَعْنَاهُ مُتَغَيِّر وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ مَصْبُوب عَلَى سُنَّة الْأَرْض . قَالَ الْمَهْدَوِيّ : وَأَصْله عَلَى قَوْل الشَّيْبَانِيّ " يَتَسَنَّ " فَأُبْدِلَتْ إِحْدَى النُّونَيْنِ يَاء كَرَاهَة التَّضْعِيف فَصَارَ يَتَسَنَّى , ثُمَّ سَقَطَتْ الْأَلِف لِلْجَزْمِ وَدَخَلَتْ الْهَاء لِلسَّكْتِ . وَقَالَ مُجَاهِد : " لَمْ يَتَسَنَّه " لَمْ يُنْتِن . قَالَ النَّحَّاس : أَصَحّ مَا قِيلَ فِيهِ إِنَّهُ مِنْ السَّنَة , أَيْ لَمْ تُغَيِّرهُ السِّنُون . وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون مِنْ السَّنَة وَهِيَ الْجَدْب , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " وَلَقَدْ أَخَذْنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ " [ الْأَعْرَاف : 130 ] وَقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام ( اللَّهُمَّ اِجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُف ) . يُقَال مِنْهُ : أَسَنَتْ الْقَوْم أَيْ أَجْدَبُوا , فَيَكُون الْمَعْنَى لَمْ يُغَيِّر طَعَامك الْقُحُوط وَالْجُدُوب , أَوْ لَمْ تُغَيِّرهُ السِّنُون وَالْأَعْوَام , أَيْ هُوَ بَاقٍ عَلَى طَرَاوَته وَغَضَارَته . {259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه وَغَيْره : وَانْظُرْ إِلَى اِتِّصَال عِظَامه وَإِحْيَائِهِ جُزْءًا جُزْءًا . وَيُرْوَى أَنَّهُ أَحْيَاهُ اللَّه كَذَلِكَ حَتَّى صَارَ عِظَامًا مُلْتَئِمَة , ثُمَّ كَسَاهُ لَحْمًا حَتَّى كَمُلَ حِمَارًا , ثُمَّ جَاءَهُ مَلَك فَنَفَخَ فِيهِ الرُّوح فَقَامَ الْحِمَار يَنْهَق , عَلَى هَذَا أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ . وَرُوِيَ عَنْ الضَّحَّاك وَوَهْب بْن مُنَبِّه أَيْضًا أَنَّهُمَا قَالَا : بَلْ قِيلَ لَهُ : وَانْظُرْ إِلَى حِمَارك قَائِمًا فِي مِرْبَطه لَمْ يُصِبْهُ شَيْء مِائَة عَام , وَإِنَّمَا الْعِظَام الَّتِي نَظَرَ إِلَيْهَا عِظَام نَفْسه بَعْد أَنْ أَحْيَا اللَّه مِنْهُ عَيْنَيْهِ وَرَأْسه , وَسَائِر جَسَده مَيِّت , قَالَا : وَأَعْمَى اللَّه الْعُيُون عَنْ إرمياء وَحِمَاره طُول هَذِهِ الْمُدَّة . {259} أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ الْفَرَّاء : إِنَّمَا أَدْخَلَ الْوَاو فِي قَوْله " وَلِنَجْعَلك " دَلَالَة عَلَى أَنَّهَا شَرْط لِفِعْلٍ بَعْده , مَعْنَاهُ " وَلِنَجْعَلك آيَة لِلنَّاسِ " وَدَلَالَة عَلَى الْبَعْث بَعْد الْمَوْت جَعَلْنَا ذَلِكَ . وَإِنْ شِئْت جَعَلْت الْوَاو مُقْحَمَة زَائِدَة . وَقَالَ الْأَعْمَش : مَوْضِع كَوْنه آيَة هُوَ أَنَّهُ جَاءَ شَابًّا عَلَى حَاله يَوْم مَاتَ , فَوَجَدَ الْأَبْنَاء وَالْحَفَدَة شُيُوخًا . عِكْرِمَة : وَكَانَ يَوْم مَاتَ اِبْن أَرْبَعِينَ سَنَة . وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِ أَنَّ عُزَيْرًا خَرَجَ مِنْ أَهْله وَخَلَّفَ اِمْرَأَته حَامِلًا , وَلَهُ خَمْسُونَ سَنَة فَأَمَاتَهُ اللَّه مِائَة عَام , ثُمَّ بَعَثَهُ فَرَجَعَ إِلَى أَهْله وَهُوَ اِبْن خَمْسِينَ سَنَة وَلَهُ وَلَد مِنْ مِائَة سَنَة فَكَانَ اِبْنه أَكْبَر مِنْهُ بِخَمْسِينَ سَنَة . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا أَحْيَا اللَّه عُزَيْرًا رَكِبَ حِمَاره فَأَتَى مَحَلَّته فَأَنْكَرَ النَّاس وَأَنْكَرُوهُ , فَوَجَدَ فِي مَنْزِله عَجُوزًا عَمْيَاء كَانَتْ أَمَة لَهُمْ , خَرَجَ عَنْهُمْ عُزَيْر وَهِيَ بِنْت عِشْرِينَ سَنَة , فَقَالَ لَهَا : أَهَذَا مَنْزِل عُزَيْر ؟ فَقَالَتْ نَعَمْ ! ثُمَّ بَكَتْ وَقَالَتْ : فَارَقَنَا عُزَيْر مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سَنَة قَالَ : فَأَنَا عُزَيْر , قَالَتْ : إِنَّ عُزَيْرًا فَقَدْنَاهُ مُنْذُ مِائَة سَنَة . قَالَ : فَاَللَّه أَمَاتَنِي مِائَة سَنَة ثُمَّ بَعَثَنِي . قَالَتْ : فَعُزَيْر كَانَ مُسْتَجَاب الدَّعْوَة لِلْمَرِيضِ وَصَاحِب الْبَلَاء فَيُفِيق , فَادْعُ اللَّه يَرُدّ عَلَيَّ بَصَرِي , فَدَعَا اللَّه وَمَسَحَ عَلَى عَيْنَيْهَا بِيَدِهِ فَصَحَّتْ مَكَانهَا كَأَنَّهَا أُنْشِطَتْ مِنْ عِقَال . قَالَتْ : أَشْهَد أَنَّك عُزَيْر ثُمَّ اِنْطَلَقَتْ إِلَى مَلَإِ بَنِي إِسْرَائِيل وَفِيهِمْ اِبْن لِعُزَيْرٍ شَيْخ اِبْن مِائَة وَثَمَان وَعِشْرِينَ سَنَة , وَبَنُو بَنِيهِ شُيُوخ , فَقَالَتْ : يَا قَوْم , هَذَا وَاَللَّه عُزَيْر فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ اِبْنه مَعَ النَّاس فَقَالَ اِبْنه : كَانَتْ لِأَبِي شَامَة سَوْدَاء مِثْل الْهِلَال بَيْن كَتِفَيْهِ , فَنَظَرَهَا فَإِذَا هُوَ عُزَيْر . وَقِيلَ : جَاءَ وَقَدْ هَلَكَ كُلّ مَنْ يَعْرِف , فَكَانَ آيَة لِمَنْ كَانَ حَ | |
|