سمعنا في الايام الماضيه خبر تقشعر له الابدان , وهو قيام عسكري سعودي سابق بضرب زوجته بالمفك على كامل جسدها لمدة 10 ساعات متواصله بدون رحمه ولا شفقه , واستمر في تعنيفها حتى فقد الوعي واستطاعت بعد ذلك الفرار للشارع وهي ملطخه بالدماء , وساعدها احد الاشخاص لتقوم بالاتصال على شقيقتها , ومن ثم فقدت الوعي وتم نقلها للمستشفى في مدينة جده , والمواطنه السعودية فاطمه الشهري في العقد الثالث من عمرها, ولديها طفلتين من زوجها المجرم , وليست هذه المره الاولى التي تتعرض فيها للعنف الجسدي واللفظي بل تكررت الجريمة كثيرا بالرغم من انها اشتكت للجهات المختصه , ولكن لم ينصفها احد , وعملت فاطمه قسطرة في الرقبة لعدم وجود أوردة في يديها,ولم تهتم الصحف السعودية بالخبر ولم يتم القاء الضوء عليه اعلاميا باستثناء جريدة الحياة تحدثت عن الموضوع أكثر من مره ، ولا استغرب هذا الاهمال من الصحف السعوديه لانها صحف ليست حره وتخشى من وصول الخبر الى الاعلام الاجنبي والمنظمات الحقوقيه مماسيجعل السعودية في موقع حرج نظرا لعدم التزامها بتطبيق المعاهدات والمواثيق الدوليه المتعلقه بحقوق الانسان والتي وقعت عليها قبل اكثر من سنوات ,واهمها اتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز العنصري ضد المرأة ,ومن الناحية الشرعيه لايجوز تعنيف المرأة وايذائها جسديا , ولكن للاسف الكثير من الناس يعتقدون ان من حق الزوج ضرب زوجته وتعنيفها بل الكثير من العلماء والدعاة يبيحون الضرب وان كانوا يطالبون بأن لايكون مبرحا , ولهذا السبب العنف ضد النساء في السعودية انتشر كثيرا, والقضاء لاينظر في الموضوع بشكل عادل مما ساهم في تفاقم المشكلة ,وكشفت هيئة حقوق الانسان السعودية في وقت سابق ان 24% من قضايا المرأة عنف أسري , ومن الاسباب ايضا لانتشار العنف ضد النساء هو غياب القوانين التي تحمي المرأة وتحفظ لها حقوقها وكرامتها , ولذلك لابد من سن قانون يمنع تعنيف النساء لان من أمن العقوبه اساء الادب , وضرب النساء لم يرد في القران الكريم الا في ايه واحده في سورة النساء, وللضرب اكثر من معنى سأقوم بذكرهم في هذا الموضوع .
قال تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)
ومعنى القوامه اي القيام بشؤون الاسرة ورعايتها , وتتحدد القوامه حسب الكفاءه والقدره على الانفاق , وهي تكليف وليست تشريف ولاتعني الافضليه .
والمرأة الناشز هي المرأة التي تتخلى عن واجباتها الزوجيه ولا تحفظ العرض والمال في غياب الزوج , والتعامل معها يكون عبر الوعظ وان لم ينفع فالهجر في المضجع وان لم ينفع فالضرب , ولكن ماالمقصود بالضرب في الايه ؟؟؟
الكثير من علماء الدين فسروا معنى الضرب اي الضرب الغير مبرح الذي يكون بالسواك ونحوه وهذا هو المعنى السائد بين الناس , ويوجد معنى اخر وهو الذي ارى انه الاصح لانه اكثر منطقيه وتطبيقا للمعاني الانسانيه التي دعى اليها الاسلام , وهو ان معنى الضرب اي الاضراب اي الاقلاع والترك كما قوله تعالى : (وإذا ضربتم في الأرض) .. والضرب هنا هو البعد عنها اي السفر كما هو في البعد عن الوطن (المنزل), وكما في قوله تعالى في : (أفنضرب عنكم الذكر صفحا ) ومعنى الضرب هو الإهمال، وكما ذكر ايضا في قوله تعالى : قوله تعالى : (ضرب الله مثلا).. وهو كشف الأمر علنا , وطرحه أمام الناس للتفكير فيه , وبما ان التعامل مع الزوجه ’’ الناشز ’’ خضع لثلاث خطوات تدريجيه تبدأ بالوعظ ومن ثم الهجر في المضجع أرى ان الخطوه الثالثه هي الاضراب اي ترك المنزل والابتعاد عنه , وليس المقصود بالضرب اي مس جسد المرأة سواء بسواك أو غيره , والايه القرانيه ايضا حددت شرطا ليقوم الزوج باتباع هذه الخطوات الثالث وهو أن تكون الزوجة ناشزا
ايات قرانيه واحاديث صحيحه تؤكد ان الضرب لايعني ايذاء المرأة جسديا :
قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) (النساء:19)
قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].
عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ ) فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ ، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ)
عن عبد اللَّهِ بن زَمْعَةَ -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا يَجْلِدُ أحدُكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا في آخِرِ الْيَوْمِ ) رواه البخاري
قال عليه الصلاة والسلام لما سأله معاوية بن حيدة القشيري فقال: يا رسول الله!: ما حق زوج أحدنا عليه؟ قال: (تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا كسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت)
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) رواه ابن حبان
عن عَائِشَةَ رضي الله عنه قالت : ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا قَطُّ بيده ولا امْرَأَةً ولا خَادِمًا إلا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللَّهِ ، وما نِيلَ منه شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ من صَاحِبِهِ إلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ من مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن ضرب سوطا ظلما اقتص منه يوم القيامة )
وكما قد توجد زوجه ناشز فأنه يوجد زوج ناشز وذكر ذلك ايضا في القران الكريم :
قال تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )(128)
والزوج الناشز هو الذي لايقوم بواجباته الزوجيه , وكخطوه أولى تتم مناصحته ولن لم يجدي ذلك نفعا يحق للمرأة مقاضاته أو التطلق منه.
أفتى الشيخ العبيكان واصدر الازهر بيانا قبل عدة سنوات بحق المرأة بالدفاع عن نفسها في حال تعرضت للضرب والتعنيف من قبل زوجها,, فالرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( لاضرر ولا ضرار ) ,ولكني أرى أن الحل الوحيد والعقلاني والصحيح لمعالجة هذه المشكلة الخطيره هو بسن قانون يحمي المرأة من العنف بشقيه الجسدي واللفظي , وفي هذه الحاله لن تضطر المرأة بالرد على العنف بعنف من نوع اخر أو بتحمل انواع العذاب والاستمرار بالعيش مع زوج مجرم حفاظا على الاسره وخوفا من الحرمان من الابناء , وفي ظل فرض مثل هذا النوع من القوانين الصارمه سيفكر الرجل الف مره قبل اقدامه على ضرب المرأة وتعنيفها لانه ان لم يخشى الله فسيخشى من السجن والتشهير في الدنيا .
:الموضوع منقول