موضوع: خطاب الشيشان ..سامر بن صالح بن عبد الله السويلم الخميس أكتوبر 20, 2011 10:15 am
بسم الله الرحمن الرحيم
خطاب الشيشـــان
«من عاش صغيراً مات صغيراً، ومن عاش لأمته عظيماً مات عظيماً
ولد خطاب عام 1389 من الهجرة النبوية الموافق 1969 م في السعودية في مدينة عرعر شمال المملكة العربية السعودية، وخطاب كان لقبه وهو اختصار للقبه القديم ابن الخطاب وذلك لإعجابه الشديد بالصحابي عمر بن الخطاب ويلقب أيضا بين أنصاره "الأمير خطاب". يعتبر خطاب أحد رموز ما يسمى بالمجاهدين العرب وسموّا لاحقا بالأفغان العرب حيث قاتل في كل من أفغانستان، طاجيكستان، داغستان والشيشان. بدأ رحلته منذ أربعة عشر عاما في أفغانستان وكان ذلك عام 1988 وحضر أغلب العمليات الكبرى في الجهاد الأفغاني منذ عام 1988 ومن ضمنها فتح جلال آباد وخوست وفتح كابل في عام 1993. كما كان يتحدث بأربع لغات، اللغة العربية واللغة الروسية والإنجليزية والبوشتو. توفي في أوائل شهر صفر من عام 1423هـ من الهجرة والموافق 13 أبريل 2002 م وله من العمر 33 عاماً .
أمه ما زالت على قيد الحياة وهي بنت إسماعيل بن محمد المهتدي، وهي تركية الأصل هرب أبوها من تركيا عند سقوط الخلافة الإسلامية واستيلاء كمال أتاتورك على تركيا وفي سوريا ولدت أم خطاب،
كان خطاب في بداية شبابه يحلم كأي شاب بالوظيفة والرتبة العالية, لهذا عرف بتفوقه الدراسي حتى أنه تخرج من الثانوية العامة بتخصص علمي ومعدله أكثر من 94% في النصف الثاني وكان أمله أن يدخل شركة أرامكو بمنطقة الظهران شرقي السعودية في نظام - CBC - وهو نظام يتيح للدارس الابتعاث إلى أمريكا, وفعلاً تحققت أمنيته ودخل في ذلك النظام التدريبي وكان يستلم راتباً شهرياً قدره 2500 ريال وجلس على مقاعد الدراسة قرابة النصف سنة وكان من أميز الطلاب في فصله ونال إعجاب معلميه وزملائه ولكن بعد أحداث أفغانستان الأولى ترك الدراسة وضحى بحلمه راجياً ما عند ربه.
توجه الى افغانستان والتحق بالمجاهدين ، تدرب على يد أسامة بن لادن في افغانستان ، كما اشترك في القتال ضد القوات السوفيتيه العادية منها والخاصة .
حضر الكثير من العمليات العسكرية في الجهاد الافغاني منذ عام 1988 و من ضمنها جلال آباد ، وخوست ، وكابول في عام 1993م .
طاجكستان و الذهاب الى الشيشان
بعد هزيمة السوفيت وانسحابهم من أفغانستان سمع خطاب و مجموعة صغيرة من رفاقه عن حرب اخرى تدور ضد نفس العدو ولكنها هذه المرة كانت في طاجيكستان فأعد حقائبه ومعه مجموعة صغيرة من رفاقه و ذهبوا الى هناك في العام 1993 .
و مكثوا هناك عامين يقاتلون الروس في الجبال المغطاه بالثلوج ينقصهم الذخائر و السلاح .وهناك فقد اصبعين من اصابع يده اليمنى ،وقد حاول اخوانه المجاهدون اقناعه بالعودة الى بشاور للعلاج ولكنه رفض وصمم على وضع عسل النحل على صابته ، وضع العسل وربطها قائلا أن هذا سوف يعالج هذه الاصابة وليس هناك حاجة للذهاب الى بيشاور ،هذا الرباط لازال ملفوفا على يده منذ ذلك اليوم الى يوم أغتياله .
و بعد عامين في طاجيكستان عاد خطاب و مجموعته الصغيرة الى أفغانستان في بداية عام 1995 و كان في هذا الوقت بداية حرب الشيشان . رحل خطاب من أفغانستان ومعه مجموعة مكونة من ثمانية مجاهدين مباشرة إلى الشيشان كان ذلك في ربيع 1995، أربع سنوات مضت بعد ذلك جعلت تجربة خطاب في أفغانستان وطاجيكستان تظهر كأنها كانت لعبة أطفال, يقول المسئولون الروس طبقاً لإحصائياتهم أن عدد الجنود الذين قتلوا في خلال ثلاث سنوات من الحرب في الشيشان فاق أضعاف عدد الجنود الذين قتلوا خلال عشر سنوات من الحرب في أفغانستان.
خطاب وشامل
كانت الشيشان هي المحطة الأهم في حياته حيث كان قائدا للمجاهدين العرب هناك حيث كانت له أهمية عسكرية كبيرة كمخطط ورديف حيث تعاون مع القائد الشيشاني شامل باسييف في عمليات كثيرة في الشيشان وفي داغستان كما استطاع اجبار القوات الروسية على اعلان وقف إطلاق النار في الحرب الشيشانية الأولى عام 1996.
شامل باسييف
كانت نفسه تحدثه بالبقاء أو الانصراف عن الشيشان والرجوع إلى طاجكستان. خاصة وأنه جاءها لعلاج يده فقط, ولم يكن ينوي الإقامة فيها, ولكنه لما رأى الجهاد بدأت نفسه تراوده في البقاء ولكن مع تردد كثير، وجرت عادته على رسم خريطة حول كل منطقة يريد العمل فيها سواء من جهة الأماكن أو الطبائع أو العادات أو الأشخاص، ولما ذهب إلى الشيشان لم يكن يعرف حقيقة هذه المنطقة فجعل من نفسه كمراسل تلفازي يمر بين الناس، ويضع معهم اللقاءات ويلقي عليهم الأسئلة، ويتحسس المعاني المهمة في أجوبتهم، وقابل شامل باساييف بهذه الطريقة, ولكن الموقف الذي هز شعوره، وحرك عواطفه هو لقاؤه مع عجوز طاعنة في السن حيث سألها: ماذا تريدون من قتال الروس ؟ فقالت العجوز له: نريد أن نخرج الروس حتى يرجع إلينا الإسلام، فسألها هل عندكِ شيء تقدمينه للجهاد ؟ فقالت: ليس عندي سوى هذا "المعطف" أجعله في سبيل الله. فجعلت خطاب يبكي بشدة وتبتل لحيته بدموعه. فكانت هذه العجوز سبباً في ظهور خطاب وقد دخل خطاب تحت قيادة جوهر دوداييف القائد الشيشاني السابق، وأعجب خطاب به لخفة نفسه وحسن تعامله، وارتفع في نفسه عندما سأله قائلاً: ما هو هدفكم من الجهاد ياجوهر دوداييف ؟ فقال القائد الشيشاني: كل طفل من القوقاز هُجِّر إلى المهجر عشرات السنين يحلم أن يرجع الإسلام إلى أرضه
. جوهر دوداييف
العمليات والمواقع :
في يوم 16 أبريل 1996 قاد خطاب عملية من أجرأ العمليات وكانت عبارة عن كمين "شاتوى" وفيها قاد مجموعة مكونة من 50 مجاهداً لمهاجمة والقضاء على طابور روسي مكون من 50 سيارة مغادرة من الشيشان, تقول المصادر العسكرية الروسية أن 223 عسكرياً قتلوا من ضمنهم 26 ضابطاً كبيراً ودمرت الخمسون سيارة بالكامل, نتج عن هذه العملية إقالة ثلاثة جنرالات، وقد أعلن بوريس يلتسين بنفسه عن هذه العملية للبرلمان الروسي. وقام المجاهدين بتصوير هذه العملية بالكامل على شريط فيديو
بعدها بشهور نفذت نفس المجموعة عملية هجوم على معسكر روسي نتج عنه تدمير طائرة هليكوبتر بصاروخ AT- 3 Sager المضاد للدبابات ومرة أخرى تم تصوير العملية بالكامل على شريط للفيديو. كما شاركت أيضا مجموعة من مقاتليه في هجوم غروزنى الشهير في أغسطس 1996 الذي قاده القائد الشيشاني شامل باسييف.
وقد ظهر اسمه مرة أخرى على الساحة في يوم 22 ديسمبر 1997 عندما قاد مجموعة مكونة من مائة مجاهد شيشانى وغير شيشاني، وهاجموا داخل الأراضي الروسية وعلى عمق 100 كيلو متر القيادة العامة للواء 136 الآلي ودمروا 300 سيارة وقتلوا العديد من الجنود الروس وقد استشهد في هذه العملية اثنان من المجاهدين من ضمنهم أحد كبار القادة من مصر في جماعة خطاب هو أبو بكر. بعد انسحاب القوات الروسية من الشيشان في خريف 1996 أصبح خطاب بطلاً قومياً في الشيشان وقد منح هناك ميدالية الشجاعة والبسالة من قبل الحكومة الشيشانية. وقد منحوه أيضا رتبة لواء في حفل حضره شامل باسييف وسلمان رودييف وهم قادة في حرب الشيشان. وقبل مقتل جوهر دودايف كان خطاب يحظى لديه باحترام.
والجدير بالذكر أن خطاب نجا من محاولات عديدة لاغتياله منها عند قيادته لشاحنة روسية كبيرة انفجرت وأصبحت حطاماً ومات من كان بجانبه وهو لم يصب بخدش.
العقيدة والدعوة
كان سلفي العقيدة والمنهج، ويصرح بذلك في أشرطته الخاصة وجلساته العامة ولكنه لم يكن متعصباً أبداً لمجموعته، فكتب له قبولاً لدى كل الاتجاهات الإسلامية بلا استثناء، وينصح أهلها، ويقبل نصيحتهم، وله علاقة قوية بشيوخ المجاهدين من أمثال الشيخ حمود العقلا وكان يستشيرهم في قضايا الجهاد والعلم والدعوة، ولهذا لم يعهد على مجموعته الجهادية في الشيشان بدع أو انحرافات أو خرافات. قاتل خطاب في أفغانستان، ولم يتقاتل مع أحد الأفغان لخلاف عقدي رغم أنتشار التصوف فيه، ثم قاتل في طاجكستان تحت قيادة عبد الله نوري, ورغم سيادة التصوف هناك إلا أن الناس تعلقوا بخطاب حتى دبَّ الحسد في قلوب بعض القادة كالقائد رضوان والذي وصفه خطاب بأنه "أمير حرب خبيث" وعندما وصل للشيشان دعاهم للصلاة والزكاة وقراءة القرآن، ولم يدعهم إلى أي مسألة عقدية، فلما تمكن هناك وصار حبه في قلوب الناس كلهم أنشأ المعاهد العلمية التي تعلم العقيدة الصحيحة
الفكر الجهادي لدى خطاب
1* الجهاد ذروة سنام الإسلام، وله أهدافه التي لا ينبغي أن يحيد عنها المجاهدون، وإلا لم يعد ما يفعلونه جهاداً، والانطلاق من الكتاب والسنة، وفهم السلف في مسيرة الجهاد الطويلة الشاقة أمر لا تفريط فيه، وكان خطاب سلفياً في جهاده، فقد كان يرى أن تطبيق شرع الله هو الهدف الأسمى للجهاد، كما أن نصرة المسلمين واجب شرعي لا يترك. 2* أيقن خطاب تماماً أن النصر في هذه المعركة مع الروس ثاني أقوى دولة في العالم، إنما يكون بتوفيق الله - سبحانه وتعالى - وبقوة الإيمان واليقين 3* الحرب التي يخوضها العالم الغربي وروسيا، إنما هي في مجملها حرب ضد الإسلام، مهما اختلفت المسميات ومهما حاولوا أن يظهروها على غير ذلك 4* علم خطاب جيدا في جهاده ضد الروس أن هزيمتهم لن تكون هزيمة عسكرية بالمعنى المفهوم، أي مواجهة بين جيش الشيشانيين والروس تنتهي بانتصار المسلمين، وانسحاب الروس لعجزهم العسكري، ولكن النصر على الروس يكون باستغلال أهم نقطة ضعف عندهم وهي العجز عن تحمل قدر كبير من الخسائر البشرية بالأخص يستمر لفترة طويلة، على الرغم من احتفاظهم بقوتهم العسكرية كاملة كما هي، وقدرتهم على تعويض خسارتهم، كما قال خطاب في إطار المواجهة العسكرية مع الجيش الروسي يعتبر خطاب ورفاقه أن أهم عوامل التفوق وإرباك العدو، هو عدم وجود اي منشآت حيوية، أو مقرات ثابتة للمجاهدين في الشيشان، بل هم دائما مجموعات صغيرة دائمة التنقل، يتبدل مكانها من المدن والقرى إلى الجبال حسب تطورات المعارك، وينعى خطاب على الجيش الروسي الذي عجز عن التوافق مع هذا التكتيك فمضى يحارب المجاهدين بأسلوب عقيم لا يتناسب مع ظروف الميدان. 5* كان خطاب يؤمن بالجهاد من خلال الإعلام, لذلك فهو دائماً يصر على تصوير كل عملياته. ويقولون إن لديه مكتبة بها مئات الشرائط المصورة في أفغانستان وطاجيكستان والشيشان. وهو يعتقد بأن الكلام وحده ليس كافياً لدحض الادعاءات الكاذبة لإعلام العدو بل يجب توثيق هذا الكلام بالأدلة عن طريق الأفلام المصورة لدحض ادعاءاتهم. وهو أيضا قد صور شرائط مطولة للعمليات الأخيرة في داغستان تظهر مقتل أكثر من 400 جندي روسي وهذا الرقم يزيد عشرة مرات عن الرقم الرسمي للمسؤولين الروس الذين قالوا أن قتلاهم في داغستان كانوا 40 جندياً. وقال خطاب في إحدى المناسبات: «من عاش صغيراً مات صغيراً، ومن عاش لأمته عظيماً مات عظيماً » في عام 2002 تم اغتيال خطاب مسموما .