رغم
تعدد الأسباب تبقى نتيجة الخيانة واحدة: جرح غائر لا يندمل بسرعة وانهيار
علاقة إنسانية، وخراب بيوت عائلية. وفي حين أجريت عدة دراسات حول الأسباب
التي تدفع البعض إلى الخيانة، وخاصة من الرجال، فإن دراسة بريطانية حديثة
شدت الانتباه، لأنها تربط خيانة الرجل بمدى ذكائه. تقول الدراسة إن الرجل
الذكي والمتطور عقليا أكثر قدرة على الوفاء من نظيره الأقل تطورا من
الناحية العقلية. وذهبت الدراسة إلى القول إن الرجل في العصور الحجرية وما
بعدها لم يكن يعرف ما معنى أن تكون له علاقة مع امرأة واحدة، وأنه فقط بعد
تطوره حضاريا وعقليا بدأ يعانق الفكرة ويحترمها. ولا شك أن هذه الدراسة
تفتح المجال للجدل بين موافق وغير مقتنع. الفريق الأول يوافق أن الرجل
العاقل الذي يفكر بنتائج الخيانة لن يقدم عليها، بينما يشكك الفريق الثاني
في كون الأمر يرتبط بالذكاء بقدر ما هو مرتبط بعوامل نفسية واجتماعية تجعل
من الرجل خائنا. الفريق نفسه يرى أن الرجل الخائن لا بد أنه يتمتع بنسبة من
الذكاء وإلا ما تمكن من إخفاء خيانته عن زوجته لمدة قد تطول إلى عدة
سنوات، مثلما الحال بالنسبة للنجم أرنولد شوارزنيغر الذي كانت له علاقة مع
امرأة تعمل في بيته لمدة 14 سنة، كان ثمرتها طفلا تربى تحت أعين زوجته من
دون أن تشك في شيء.
وأبرز ما جاءت به الدراسة التي أجرتها جامعة لندن للاقتصاد والعلوم
السياسية، أن هناك رابطا وثيقا بين الذكاء والوفاء. الرجل الذكي، مثلا،
يستطيع تخطي مشكلاته الشخصية والنفسية بأساليب غير الخيانة، فيما لا يستطيع
الرجل الأقل ذكاء مقاومة ما يعرض عليه من إغراءات. وهذا ما لا ينطبق على
النساء بحسب الدكتور ساتوشي كانازاوا المسؤول عن الدراسة، لأنهن يبقين
أوفياء ليس فقط لأزواجهن بل لحبيب أو شريك فارق الحياة.
وفي هذا الإطار، يعتبر الدكتور طلال عتريسي، المتخصص في علم النفس
الاجتماعي، أنه لا يمكن الجزم بمن هو الأكثر وفاء: هل هو الرجل الذكي أم
الأقل ذكاء؟ لأن الذكاء كلمة مطاطة لا يمكن أن تنحصر في سلوك معين، وخير
دليل على ذلك أن عددا كبيرا من الشخصيات المشهورة التي وصلت إلى مراكز عليا
وقعت في هذا الفخ.
يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «قد تكون هذه الدراسة صحيحة في جهة معينة، وهي
أن الوفاء يحتاج إلى تفكير أكثر، لا سيما أن كل شخص يتعرض للإغراء في مرحلة
من مراحل الحياة، فقد يكون مستعدا للتخلي عن وفائه لتحقيق الربح، مثلا.
وهنا يكون الخائن أحادي التفكير، فيما يعمد الوفي إلى التفكير أكثر فيما
سيقدم عليه، ويضع خسائره وأرباحه في الميزان، ويفكر في كل الجوانب التي
تحيط بهذا السلوك، قبل أن يتخذ قراره».