:بسم الله: أنا والمطر توأمان
سمعتُ صوتاً أشتقتُ لعودتِه كثيراً
فقد باتَ يغيبُ فترات
ثم يأتي من غير ميعاد
ليعيد لقلبي ذكريات جميلة نقشها بأحرف ٍمن مدادِ الذهبِ
فأستيقظتُ مذعورةً لشدةِ صوت ِالمطر ِ.
وتقاربت خطواتي صوب ذلك الصوت الشجي
المصحوب بهواء قوي ترتجف من هيبته النوافذ والأبواب
وتهتز له طربا أغصان الشجر
وتفوح رائحة الورود بأزكى العطور المختلطة .
ويخرج الأطفال والكبار متهللين بقدوم غيث يغيث قلوبهم
قبل أن ترتوي منه الأرض المتعطشة للمطر .
فقد دفعها الشوق و الحنين أن تعانق زخاته بكل عنفوان
فقد طالت غيبته وهجرها لعدة شهور
بسبب حماقات بعض البشر !!
وضحكت الأرض واستبشرت خيرا
وارتوت حتى الثمالة
وشيئاً فشياً بدأت تتغير ملامح الأرض
و تتحول للون الأخضر المشوب بصفرة
إلى جمال يأسر القلوب المتذوقة للجمال
وقفتُ أنظر من النافذة بلهفة شديدة
وملأت رئتي بالهواء البارد المنعش .
وأغمضتُ عيني ببطء وهدوء
وشممتُ رائحة المطر
التي تسللت من نافذتي
وظللت هكذا برهة !
حتى طغت الرائحة على جوانب غرفتي
ثم فتحت عيني لأرى السعادة
وقد وشحتني بوشاح الفرح والسرور
فلم تفارق البسمة ثغري أبدا .
وهرولت مسرعة نحو المطر
تارة أنزل تحت السماء فتبللني زخات المطر
وتارة أخرى أختبئ تحت مظلتي
وهكذا حتى رحل نعم لقد رحل
ورحلت معه ابتسامتي ..
وبدأت الغيوم تنقشع رويدا رويدا
وخيوط الشمس تعلن عن قدوم النور للأرض
عندئذ تيقنتُ بأن المطر قد رحل عنا
وأقفلت راجعة إلى غرفتي مكسورة الخاطر
عدت أتأمل كل شيء وقع عليه نظري
من نافذتي الضبابية
فقد غسل المطر الشوارع الداكنة
والمباني الباهتة والسيارات المغبرة
وعادت الحياة تنبض بقلب مدينتي الحالمة
فقد غير المطر ملامح تلك المدينة
وغدت كالغادة تزهو بأروع حُلة
فقد فاق جمالها كل الأوصاف والصور
حلقت بأفكاري لعالم الجمال والحب والسعادة
و عندما أفقت من سكراتي
همست بصوت غاضب بيني وبين نفسي
ليت قلوبنا كالمدينة بعد هطول الأمطار !!!
حتى تتخلص من كل ماعُلق بها من شوائب
الحقد والحسد، والكره وبالغض والكذب والنميمة والنفاق والرياء
ليت المطر يغسل همومنا وأحزاننا وعناء الأعمال ومتعاب الحياة.
وعدت أدراجي إلى غرفتي
وعانقت خدا ديتي بعنف
لأعيد ذكريات المطر
وستظل راسخة بذهني
لحين هطول المطر من جديد
ولتمتلئ ذاكرتي بشريط طويل وجميل
فأنا والمطر توأمان
في
رومنسيته
وحنانه
وغيرته