معلومات عن المال

المال ووظيفته :

من يتأمل هذا الكون ير بوضوح إبداع الله تعالى في صنعه وتنظيمه ، خلق لنا الأرض وقال لنا : ( فامشوا في
مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك 15، وأمرنا ،
وهو الرزاق الرحيم ، بالاستمتاع بطيباتها وخيراتها فقال
جل شأنه ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده
والطيبات من الرزق ، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا
خالصة يوم القيامة ) ، فطيبات الدنيا للمؤمن والكافر ،
وطيبات الآخرة وقف على المؤمن .

لكنّ من صفات الناس البارزة اليوم البخل والشح والحرص ، والرغبة في التملـّـك والتطلـّـع لما في
أيدي الغير ، والإنسان ، بفعله هذا ، يُضيّق على نفسه
واسعا ، فلعلك تعلم أن اللحم لم يفسدْ ويتأثرْ بالزمن
إلا بعد أن قام بنو إسرائيل بتخزين لحم ( السلوى )
الذي أرسله الله لهم أرتالا في متيه الصحراء بعد أن
أخذهم الجوع ، فسلـّط الله تعالى عليه ، لحرصهم ، ما
يُفسده إلى يومنا هذا . إنهم لو آمنوا واتقوا (
لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ) .
وكنتيجة لأن الإنسان يُحب المال حبا جمّا ، فقد جعل
الله تعالى لكل إنسان حقا يتملكه من متاع الدنيا ،
ولا ينتقل منه إلى غيره إلا بوسائل معلومة .

ومن أعظم المنن التي وهبها الله تعالى عباده أن
علـّمهم الحساب والميزان ، وألهمهم وسيلة مُيسّرة ليتبادلوا
بها المنافع فيما بينهم ، ولا تستطيع أن تتخيل حياتنا
بدون تلك الأوراق المالية ، فبسواها لتعثـّرت الحياة
تعسّرا ، ولصعُبت أمور البيع والشراء .

إن تلك الأوراق رمز لحياتنا الدنيويّة بأسرها ، فهي
الطعام والدواء والكساء وكلّ مستلزِمات الحياة ، لذلك فرض
الله تعالى على الناس تحصيلها وإنفاقها في أوجُهٍ سليمة .

إنها إذن ليست غاية في نفسها بل فيما تجلبه من
منافع ، وبالتالي إذا توفرت تلك المنافع فلا حاجة لتلك
الأوراق ، لأجل ذلك قال الرسول ـ صلى الله عليه
وسلم ـ : ( من أصبح آمنا في سربه ، معافىً في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) رواه الترمزي وابن حبان وابن ماجه.

فلماذا إذن الصراع الدامي و اللهاث المتصل وراء المال من
الأغنياء والفقراء على السواء ؟ حتى أحالوا الأرض إلى
ساحة معركة حامية الوطيس ، إلى غابة ، القويّ فيها آكل والضعيف مأكول .
إن ذلك راجع لسبب بسيط لكنه عظيم ، لتحقيق الغاية
التي خلق الناس لأجلها ، ( الذي خلق الموت والحياة
ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ) الملك 2
. ليكشف المجرمون عن أنفسهم ويسعَوا جاهدين ليجمعوا
أدلـّة إدانتهم لتـُعرض عليهم يوم الحساب ، وإنهم ليعرفون
الحساب ويُجيدونه ! .

فمن وسائل الابتلاء المال ، وقد حذرنا الله تعالى
بقوله : ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) . ألا ترى
أنه شـَـرَك يسعى المجرمون كالفئران لإيقاع أنفسهم فيه من
أجل قطعة جـبن صغيرة ؟ . ألا ترى أنه استدراج
للظالمين من حيث لا يعلمون ؟ ( سنتدرجهم من حيث لا
يعلمون ، وأملي لهم ، إن كيدي متين ) .*